في رحلة الحياة، كلنا نواجه تلك اللحظات التي نشعر فيها بأن الطريق قد ضاق وأن أبواب الرزق أصبحت صعبة المنال. نسعى ونجتهد ونخطط، ولكننا في النهاية نحتاج إلى ذلك المفتاح الروحي، وذلك المدد الإلهي الذي يفتح الأبواب المغلقة وييسر لنا كل عسير. يعلمنا ديننا الحنيف أنه بينما يجب علينا الأخذ بالأسباب، فإن مصدر كل رزق وخير هو الله وحده.
وقد ترك لنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كنزاً من أعظم الكنوز لهذه اللحظات العصيبة؛ دعاءً جامعاً وقوياً. هذه الكلمات ليست مجرد تمتمة، بل هي إعلان عميق للإيمان، وطلب مباشر من الرازق سبحانه، ومصدر للسكينة والطمأنينة. في هذا المقال، لن نشاركك هذا الدعاء فحسب، بل سنغوص في معانيه العميقة، وكيف يمكنك أن تجعله سبباً لجلب البركة وتيسير الأمور في حياتك.
(نص الدعاء)
إليك هذا الدعاء العظيم الذي علمه النبي ﷺ لمن أثقلته الديون والهموم.
اللَّهُمَّ اكْفِنِي بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ، وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ
(لماذا هذا الدعاء بهذه القوة؟)
هذا الدعاء قصير في كلماته، ولكنه بحر من المعاني العميقة. لنتأمل في جزئيه:
"اللَّهُمَّ اكْفِنِي بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ..." : هذا هو أساس الحياة المباركة. أنت هنا لا تطلب مجرد المال أو الرزق، بل تطلب "الكفاية" من مصادر نقية وطاهرة يرضاها الله. أنت تطلب من الله أن يحميك ويحفظك من فتنة الكسب الحرام، مهما بدا جذاباً. هذا الطلب يجلب "البركة" الحقيقية في رزقك وراحة البال التي لا تقدر بثمن.- "...وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ": هذا إعلان عظيم للتوحيد والتوكل الخالص على الله. أنت تطلب من الله أن يكون هو مصدر غناك الوحيد، وأن يحرر قلبك من التعلق بالأسباب أو الاعتماد على الناس أو الوظيفة أو المهارات. عندما يتعلق قلبك بالله وحده، فإنك تتحرر من قلق وخوف البشر، وهذا هو الغنى الحقيقي والحرية الروحية.
(مصدر هذا الدعاء وقصته)
هذا الدعاء له مكانة عظيمة لأنه مأخوذ مباشرة من هدي نبينا محمد ﷺ. فقد روى سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أن النبي ﷺ علّمه هذه الكلمات وقال له:
(كيف ومتى تستخدم هذا الدعاء؟)
- بعد الصلوات المكتوبة: اجعلها من عادتك أن تردده بعد الانتهاء من صلاتك وأذكارك.
- في السجود: وأنت ساجد تكون في أقرب موضع من الله، وهو وقت عظيم لإجابة الدعاء.
- بيقين تام في الإجابة: قل هذا الدعاء بقلبٍ حاضر وموقن بأن الله يسمعك وسيستجيب لك. فاليقين هو روح الدعاء.


إرسال تعليق