لحظة ارتداء ثوب جديد هي لحظة فرح وبهجة فطرية. ولكن الإسلام، بدقته وجماله، يحول هذه اللحظة الدنيوية البسيطة إلى عبادة وفرصة للتقرب إلى الله. لم يكن اللباس في هدي نبينا صلى الله عليه وسلم مجرد قطعة قماش، بل كان نعمة تستوجب الشكر، وستراً يستوجب الدعاء بالحفظ.
في هذا الدليل، لن نسرد لك الدعاء فقط، بل سنغوص معاً في معانيه العميقة، ونكتشف كيف أن هذه الكلمات البسيطة التي نقولها عند ارتداء ملابسنا الجديدة هي في الحقيقة درس متكامل في الشكر، والتوكل، وطلب البركة.
الدعاء الأول: دعاء الشكر (عندما ترى الثوب):
قبل أن تلبس الثوب، علمنا النبي ﷺ أن نبدأ بالشكر والثناء على الله الذي رزقنا إياه. كان إذا استجد ثوباً سماه باسمه (قميصاً أو عمامة)، ثم يقول:
" اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ كَسَوْتَنِيهِ، أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِهِ وَخَيْرِ مَا صُنِعَ لَهُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ وَشَرِّ مَا صُنِعَ لَهُ."
(رواه أبو داود والترمذي، حديث صحيح).
تأمل في كنوز هذا الدعاء:
هذا الدعاء ليس مجرد كلمات، بل هو منهج في التعامل مع النعم:
- "اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ كَسَوْتَنِيهِ": أنت تبدأ بأهم شيء: الاعتراف بأن هذه النعمة هي من الله وحده. أنت لم تحصل عليها بمالك أو بجهدك، بل هو فضل من الله رزقك إياه. هذا يزرع في القلب تواضعاً وشكراً حقيقياً.
- "أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِهِ وَخَيْرِ مَا صُنِعَ لَهُ": وهنا العمق. أنت لا تطلب فقط خير القماش نفسه، بل تطلب "خير ما صنع له". أي: اللهم اجعلني أستخدم هذا الثوب في طاعتك، وفي الذهاب إلى أماكن ترضيك، واجعله سبباً في زيادة قربي منك.
- "وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ وَشَرِّ مَا صُنِعَ لَهُ": وهذا هو الطلب الوقائي. أنت تستعيذ بالله من شر هذا الثوب (كأن يسبب لك كبراً أو خيلاء)، ومن "شر ما صنع له". أي: اللهم احفظني من أن أستخدم هذا الثوب في معصيتك، أو في الذهاب إلى أماكن تغضبك.
الدعاء الثاني: دعاء البدء (عندما تبدأ باللبس):
عندما تبدأ فعلياً بارتداء أي ثوب (جديداً كان أو قديماً)، فإن السنة البسيطة هي أن تبدأ بـ:
" بِسْمِ اللَّهِ."
هذه الكلمة البسيطة هي بركة عظيمة. وقد ورد في الحديث أن قول "بسم الله" عند خلع الثياب يكون ستراً بين عورات بني آدم وأعين الجن.
إن دعاء اللبس الجديد هو مثال رائع على كيف أن الإسلام لا يترك تفصيلاً في حياتنا إلا وجعل فيه عبادة وذكراً. إنه يحول لحظة دنيوية عادية إلى فرصة لتجديد علاقتنا بالله، وشكره على نعمه، وطلب الحفظ والبركة في كل خطوة نخطوها.في المرة القادمة التي ترتدي فيها ثوباً جديداً، لا تجعلها مجرد لحظة فرح عابرة. توقف لثانية، وارفع قلبك ولسانك بهذا الدعاء النبوي، واستشعر كيف تتحول قطعة القماش إلى صلة جديدة بينك وبين خالقك.
ما هي النعمة البسيطة التي غالباً ما ننسى أن نشكر الله عليها في حياتنا اليومية؟ شاركنا في التعليقات.
الأسئلة الشائعة حول دعاء اللبس الجديد
ما هو نص دعاء اللبس الجديد؟
الدعاء النبوي الصحيح هو: "اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ كَسَوْتَنِيهِ، أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِهِ وَخَيْرِ مَا صُنِعَ لَهُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ وَشَرِّ مَا صُنِعَ لَهُ."
ما معنى "خير ما صنع له" و "شر ما صنع له"؟
"خير ما صنع له" يعني أن تسأل الله أن يوفقك لاستخدام هذا الثوب في طاعته (مثل الذهاب به للمسجد وصلة الرحم). أما "شر ما صنع له" فهو الاستعاذة بالله من استخدام هذا الثوب في معصيته أو في أماكن تغضبه.
هل أقول هذا الدعاء للملابس الجديدة فقط؟
نعم، هذا الدعاء الطويل مخصص للملابس الجديدة. أما عند ارتداء أي ملابس (جديدة أو قديمة) في كل يوم، فالسنة البسيطة هي أن تبدأ بقول "بسم الله".
إرسال تعليق